Saturday, November 5, 2011

For Justice


 
سئمت و سأمنا

مشاكسات د. أحمد خالد توفيق

 

د احمد مراد

بقلم : د. أحمد خالد توفيق
 


سئمت التشويه الذي نمارسه بلا توقف في ثورتنا العظيمة


لا أحتاج إلى أن أخترق الجدران بعيني لأرى الابتسامة التي ترتسم على شفتي حسني مبارك الآن، وهو يرى نبوءته تتحقق.. إما أنا أو الفوضى، ولعله يقول لنفسه إن هذا هو حال المصريين بعدما فقدوا قيادته الحكيمة. أو يقول على طريقة النساء العجائز: "اللي ييجي عليّ ما يكسبش !".

الحقيقة أننا نعمل جاهدين لإسعاد الرجل في ساعاته الأخيرة. هل تذكر الشاعر صفي الدين الحِلّي عندما يقول على لسان حبيبته:

قالت سررت الأعداء؟ قلت لها... ذلك شيء لو شئت لم يكنِ

فعلاً بلغت روحي الحلقوم..

فعلاً سئمت الصحف وشلال الكلام الذي لا يتوقف على كل القنوات ليلاً ونهارًا، والأخبار الخاطئة التي يتم نفيها بعد ساعات.. سئمت عدم الأمانة في نقل الأخبار حتى صار هذا هواية..

سئمت التشويه الذي نمارسه بلا توقف في ثورتنا العظيمة، وكيف تحوّل العالم من منبهر بها إلى متشكك..

سئمت كل هذا الهجوم على المجلس العسكري كأنه حكومة الاحتلال الإسرائيلي.. المجلس بطيء فعلاً، وهناك أسباب كثيرة للخلاف معه، لكن هذا لا يبرر فيض الكراهية والحقد اللذين يكتب بهما البعض. هذا الشحن ليلاً ونهارًا لا بد أن يفضي إلى صدام.. والصدام سيكون مع الجيش وليس أفراد المجلس..

نحن نتحرك ببطء.. لكن البعض يصر على أننا نتراجع.. فعلاً نحن نتراجع ولكن بسبب هذا الشك الدائم. وعلى رأي الكاتب الجميل بلال فضل: قالوا إنه لن تكون هناك انتخابات، فلما تم تحديد موعد لها قالوا إنها ستزوّر.. 

سئمت الكتاب الذين لا همّ لهم سوى إشعال النار ليل نهار، مع المزايدة ليبدو كل واحد منهم أكثر ثورية من الآخر.. كأنهم تلك المرأة السوقية فاجرة اللسان التي تصرخ داعية زوجها للشجار في الحارة، فإذا طاوعها وذهب للشجار راحت تولول من البلكونة؛ لأنه يتلقى علقة ساخنة، فإذا مات جاءت فرصتها العظمى في الولولة وتمزيق الثياب!!

سئمت الكلام عن المؤامرة.. دائمًا كل شيء يحدث هو مؤامرة من الفلول أو مبارك أو المجلس العسكري الذي يريد أن تسوء الأمور ليحكم.. لو كانت كل هذه مؤامرة فمدبّرها عبقري فعلاً.. أذكى رجل في التاريخ!

دائمًا تأتي الأخطاء من حكومة شرف أو المجلس العسكري، أما نحن فلا نخطئ أبدًا.. الناس تقطع كل طريق وتهدد بغلق قناة السويس، وتثور حتى لا يعيّن محافظ مسيحي في قنا.. وغير هذا كثير مما نراه في كل يوم
.. 

منذ يومين هاجم موظف مطلّقته الممرضة بقنبلة غاز مسيل بالدموع فجّرها في العناية المركزة بمستشفى الدمرداش، مما أدى لاختناق عدد من المرضى! إذا سمحت الحكومة للناس بأن يفعلوا ما يريدون، بدعوى أن بعض العنف صحي ومقبول بعد أعوام من الكبت، قيل إنها حكومة رخوة فاشلة.. 

إذا قررت الحكومة أن تكون حازمة، خرجت الوقفات الاحتجاجية، وكُتبت عشرات المقالات عن "إصبع الفنجري"..

سئمت هذا كله...

سئمت الحوادث الطائفية التي لا يريد أحد أن يرحمنا ويوقفها بإصدار قانون دور العبادة..

الدم المسيحي الذي سال في يوم 9 أكتوبر مأساة حقيقية، لكن لماذا سال؟ هل فعلاً قرر الجيش أن يطلق الرصاص على المسيحيين لمجرد أنه جيش دموي؟ أو لمجرد أن يهيج الأقباط فيرد السلفيون وتشتعل البلاد؟

يجب أن نتحرى الدقة.. أنت تعلم أنني كنت في صفّ المسيحيين في كل الحوادث السابقة، وقد تلقيت الكثير من اللوم من أطراف ترفض بكبرياء أن تكون قد أخطأت.. لكن هذه الحادثة تلقي علامات استفهام عديدة.. 

سمعت القصة بشكل مختلف من أطراف أخرى غير الإعلام، وبدت لي منطقية.. 

الفتى إبراهيم متري أو مينا إسكندر مثلاً.. الذي يعمل نقّاشًا محدود التعليم والثقافة، وغير قادر على كبح جماح نفسه عند الغضب. سمع أن المسلمين حرقوا كنيسة في أسوان.. في كل يوم يسمع قصصًا مماثلة سواء كانت حقيقية أم لا.. ويغلي دمه، وفي الوقت نفسه يسمع أن المسلمين يخطفون البنات المسيحيات ليسلمن بالقوة، ويسمع أن السلفيين قادمون ليحكموا مصر ويقهروا الأديان الأخرى.. إبراهيم لديه طبنجة.. لا تسأل من أين جاءت وسط هذه الفوضى الأمنية.. ماذا سيفعله إبراهيم فعلاً وقد أعمى الغضب عينيه وأصم أذنيه؟ وماذا عنه وهو يمشي شاعرًا بالقوة وسط آلاف المسيحيين وقد حمل فرعي شجرة ربطهما على شكل صليب، بينما رجال الدين يزكون ثورته.. كيف يتعقل هذا الفتى؟

أضف لهذا شهورًا من الشحن ضد العسكر الذين حوّلهم الإعلام لشياطين.. صحفيون وكتاب ومذيعون غير مسئولين لا يريدون سوى لقمة العيش والظهور بمظهر الثوري المناضل الذي لا يلين حتى لو احترقت البلاد كلها.. لهذا إبراهيم مستعد ليطلق الرصاص على أول جندي يعترض طريقه.. 

كان الحشد النفسي عنيفًا عبر الإنترنت وفيس بوك.. وبالتأكيد بلغ إبراهيم..

والآن تعال اسمع جزءًا من خطابات "المعتوه" المقيم في أمريكا موريس إسكندر، التي تحوّلت إلى نوع من الإسهال لا يتوقف ولا تجدي معه أي جرعات من الفلاجيل: "
فى ذكرى هزيمة الجيش الإسلامي النازي المحتلّ لمصر فى أكتوبر 1973 وانتصار إسرائيل عليه وإجباره على الاعتراف بدولة اسرائيل تحوّل للانتقام من الأقباط العزّل أصحاب البلد، وما إن انتفض الأقباط لكل ذلك بمسيرة سلمية حتى قام أفراد الجيش الإسلامي والشرطه الإسلامية بسحل والاعتداء الوحشي على المتظاهرين السلميين من الأقباط، وعلى القمص ماتياس نصر والقمص فولباتير المشاركين في المسيرة السلمية ليشاهد العالم كله ماذا يفعل الاحتلال العربي الإسلامي بالأقباط أصحاب البلد. وتناشد الدولة القبطية والجمعية الوطنية القبطية الأمريكية وقناة الطريق المسيحية العالمية جموع الشعب القبطي في مصر بالمشاركة الفعالة في مسيرات الأحد الغاضب في القاهرة من دوران شبرا بالقاهرة وأمام ديوان المحافظات في كل انحاء مصر العامرة، اعتبارا من الساعة الثالثة مساء؛ للمطالبة بكل حقوق الأقباط. هذا وقد قام الدكتور عصمت زقلمة، رئيس الدولة القبطية (هناك دولة قبطية ولها سلام وطني وعلم على فكرة) فور علمه بالاعتداء على مسيرة الأقباط بماسبيرو بالاتصال بالسفارة الأمريكية:

ويقول ضمن نصّ المكالمة:
Islamic mob burring churches, kidnapping and rapping youngChristian girl

يعني: "العصابات الإسلامية تجعل الكنائس تقرّ كالقطط وتجعل البنت المسيحية ترقص الراب!"

بالذمة هل هذه إنجليزية رجل يعيش في الولايات المتحدة منذ عشرات الأعوام؟ كيف استطاع هذا الرجل بتعليمه المحدود وأسلوبه المفكّك المجنون وحالته النفسية المضطربة أن يظل في الولايات المتحدة ويعيش ويأكل؟ واضح أن الولايات المتحدة "سبيل" إذن
.. يمكن أن أرسل قطتي هناك زاعمة أنها تعاني الاضطهاد الديني في مصر وسوف تصير مذيعة تليفزيون!! 

هكذا كان هناك شحن عنيف جدًا وتأهب واضح.. 

أنت رأيت اللقطات في التليفزيون ورأيت الشباب يهشمون السيارات ويحرقونها، ويقذفون راكب السيارة الملاكي بقالب طوب في وجهه.. هؤلاء الشباب لم يأتوا من المريخ أو هم من الجنس الغامض المسمى "بلطجية".. 

إنهم شباب مسيحي غاضب ربما كان إبراهيم متري من بينهم وربما لم يكن. إذن من الممكن جدًا أن يبدأ إبراهيم إطلاق النار من ناحيته.. هناك طلقات وهناك جنود سقطوا.. والجيش ردّ.. وردّ بغلظة لدرجة أن تسحق المدرعات الناس (هناك فيلم على قناة الحرّة يُظهر واحدًا من المتظاهرين المسيحيين استولى على سيارة الجيش، وقادها برعونة مما أدى لدهم إخوانه).. هكذا سقط مينا دانيال بطل ثورة يناير شهيدًا وسقط آخرون، وهذا الدم لن يجف أبدًا مهما حاول العقلاء..

رأيي أن هذا ما حدث على الأرجح.. وسمعت أكثر من شاهد عيان يحكي نفس القصة تقريبًا.. لا أصدّق الرواية الرسمية أو التي قدّمتها الصحف.. 

لم تكن هذه مؤامرة من الفلول.. كنا نحن الفلول.. 

هل تذكرون الجزائر؟ كنا نطالب بالتهدئة والتعقل بينما تنهمر علينا الشتائم و"لا صوت يعلو فوق صوت المعركة".. واليوم نعرف أننا كنا ذبابًا في خيوط عنكبوت علاء بيه وجمال بيه مبارك، وعلاقاتهما المتشابكة وخصوماتهما مع هذا أو ذاك..

ماذا عن كنيسة القديسين والكلام عن أن مدبرها هو العادلي شخصيًا؟؟ لم أقتنع بهذه القصة وما زلت.. الغريب أن أحدًا لم يُعد إثارة الموضوع قطّ رغم أهميته العظمى. عندما كتبت مقالاً عن هذا الحادث واتهمت مناخ التعصب المسيطر على مصر بدلاً من الأيدي الخارجية
، انهالت عليّ الشتائم؛ لأنني أجامل المسيحيين وأنافقهم... إلخ. هذه المرة طبعًا ستنهال علي الشتائم من الإخوة المسيحيين؛ لأنهم لن يقبلوا أن يقول أي كاتب إلا أنهم ملائكة.. لا أحد يخطئ أبدًا سواي..

سئمت الكلام عن أيدٍ خارجية في كل مرة.. حتى شباب 6 إبريل قيل إنهم تحركهم أيد خارجية.. واضح تمامًا أنه لا توجد أيد خارجية على الإطلاق، أو هي لا تعمل بكفاءة مقارنة بكفاءتنا نحن.. 

سئمت هذا الغباء وشهوة التدمير لدينا.. 

سئمت الدولة التي تتحلل في كل يوم وكل ساعة.. وسئمت براعتنا المذهلة في الهدم..

 كفى جدلاً وحذلقة ومزايدة.. مصر لن تتحمل المزيد... 

لا تضحك يا مبارك.. ما زال الوقت مبكرًا على ابتسامة الشماتة هذه

 

إذا كنتَ لا تقرأ إلا ما توافق عليـه فقط، فإنكَ إذاً لن تتعلم أبداً
If my e-mails are annoying u ; plz tell me
 

Dr. Magdy Anwar
Orthopedic Surgeon
King Fahd Hospital - Madinah Munawrah -Saudi Arabia
http://www.madinaortho.com

No comments: